حساسية السمك

أحد أنواع حساسية الطعام هو حساسية الأسماك، وهي حساسية تجاه بروتين معين موجود في عضلات الأسماك. يوجد هذا البروتين المُسبب للحساسية بتركيزات مختلفة في أنواع مختلفة من الأسماك، ويمكن لبعض الأشخاص الذين يعانون من حساسية الأسماك تناول التونة باعتبارها أقل أنواع الأسماك تسببًا للحساسية، ولكن هذا استثناء وليس قاعدة.

[ 1 ]، [ 2 ]، [ 3 ]

أسباب حساسية الأسماك

لكل حساسية تاريخها الخاص في تطور المرض، وغالبًا لا تظهر حساسية الطعام فجأة، بل تسبقها أعراضٌ مثل عدم تحمل بعض المنتجات منذ الطفولة المبكرة. الأسباب الأكثر شيوعًا لحساسية الأسماك هي عدم تحمل بروتين عضلات الأسماك، وعدم تحمل أجزاء من بروتين الأسماك (حساسية الكافيار)، وعدم تحمل البروتينات - منتجات نشاط الأسماك (حساسية المخاط والبراز). استجابةً لمسببات الحساسية، يُنتج الجسم أجسامًا مضادة تهاجم بروتينات الجسم نفسه. ومثل أنواع حساسية الطعام الأخرى، غالبًا ما تكون حساسية الأسماك ومنتجاتها سمة وراثية، تتجلى مع حساسية تجاه أطعمة أخرى، ويصعب علاجها.

أعراض حساسية الأسماك

كما هو الحال مع أي حساسية أخرى، تظهر أعراض حساسية الأسماك بعد ملامسة مسببات الحساسية. أكثرها شيوعًا هو التهاب الجلد المتنوع، يليه أعراض التهاب الأنف وسيلان الدموع، بينما تُعد نوبات السعال والاختناق (الربو) أقل شيوعًا، ونادرًا ما تُسبب حساسية الطعام وذمة كوينكه. يُعدّ إجراء الفحوصات واختبارات الحساسية الدليل الدقيق الوحيد على وجود أو عدم وجود حساسية الأسماك، لأن حساسية الأسماك لا تختفي عند طهي المنتج، وقد تختلف الأعراض عند ملامسة السمك النيء والمطبوخ.

تعتمد سرعة الاستجابة التحسسية للجسم على حالة الجهاز المناعي وكمية المادة المُسببة للحساسية المُستقبَلة. يتساءل الكثيرون عن كيفية ظهور حساسية الأسماك ومدى خطورتها. مع تلقّي كمية كافية من المادة (بعد أن يتعرّف الجسم على المادة المُسببة للحساسية)، غالبًا ما يُتوقع ظهور طفح جلدي على شكل بقع حمراء، وقد يُسبب الطفح حكة، وعادةً ما يظهر على طيات الجلد والوجه (حيث يكون الجلد أكثر حساسية، وتتجلى أي آثار ضارة بسهولة). مع تناول المادة المُسببة للحساسية لفترة طويلة، قد يتطور الطفح الجلدي الجاف إلى طفح جلدي رطب، وقد تنضم إليه عدوى ثانوية (حيث تتكاثر أي بكتيريا بسهولة في بيئة غذائية رطبة ودافئة). إذا ظهرت حساسية الأسماك على شكل سعال، يكون السعال جافًا، مُرهقًا، مُجهدًا، دون ارتفاع في درجة حرارة الجسم. في حالة رد الفعل "السعالي"، يجب مراعاة احتمالية تحول السعال إلى نوبة اختناق ووذمة.

من بين حالات عدم تحمل منتجات الأسماك، تبرز حساسية السمك الأحمر والكافيار الأحمر. تكمن مشكلة هذا النوع من عدم تحمل البروتين في قيمته الغذائية الخاصة (ارتفاع مؤشر البروتين الغذائي لهذا المنتج) ووجود أصباغ ملونة. في كثير من الأحيان، يقترن عدم تحمل السمك الأحمر والكافيار الأحمر بحساسية تجاه المنتجات ذات الألوان الزاهية والقشريات والروبيان والرخويات. ومع ذلك، يمكن للمرضى المصابين بهذا النوع من الحساسية أن يأملوا في تحسن حالتهم بعد امتناع طويل عن تناول مسببات الحساسية، وأن يعودوا لتناول أطباق السمك التي تحتوي على أنواع مختلفة من أسماك النهر. وكقاعدة عامة، لا يظهر هذا النوع من الحساسية عند تناول أسماك النهر البيضاء.

يدّعي بعض المرضى أحيانًا أنهم يعانون من حساسية تجاه أسماك الزينة. وكقاعدة عامة، يُخفي هذا الادعاء حساسية تجاه طعام الأسماك وعدم تحمل نواتج التحلل في مياه الزينة. طعام الأسماك، وخاصةً غير المُصنّع في المصانع، يحتوي عمليًا على غبار يحتوي على نسبة كبيرة من مكونات البروتين، وهي مواد مسببة للحساسية حتى بالنسبة للكائنات غير المعرضة لمثل هذه التفاعلات. في المقابل، تحتوي مياه الزينة ومرشحاتها على نواتج تحلل ناتجة عن حياة الأسماك، أي مكونات البروتين. يمكن أن تُعزى حساسية أسماك الزينة إلى حساسية التلامس المنزلي، ويمكن الوقاية منها باستخدام الطعام المُحبب وتقليل ملامسة مياه الزينة.

تجدر الإشارة إلى أن حساسية الأسماك المملحة والمدخنة لا تختلف كثيرًا عن حساسية الأسماك عمومًا، فعند تمليحها وتدخينها، لا تفقد البروتينات خصائصها المسببة للحساسية، كما تُشكل الإضافات الغذائية والأصباغ المختلفة المستخدمة في الإنتاج الصناعي عوامل إضافية للاستجابة المناعية. عند تناول الأسماك المملحة منزليًا، يجب الحذر من الإصابة بداء الديدان الطفيلية (في بعض الحالات، قد تتزامن أعراض الإصابة بالطفيليات مع الحساسية). يُسبب تناول الأسماك المملحة (كطعام أو كوجبة خفيفة) ضغطًا إضافيًا على الكلى والقلب والجهاز الهضمي، مما قد يُسبب أمراضًا مزمنة، بما في ذلك إثارة أعراض الحساسية.

أثناء المعالجات الحرارية المختلفة للأسماك، قد تدخل بروتينات الأسماك إلى البيئة، مما قد يُسبب لدى مرضى الحساسية نوبات حساسية على شكل اختناق، والتهاب الأنف (مع أو بدون عطس)، ووذمة. يرتبط إحساس الشخص بالروائح بدخول جسيمات دقيقة من مادة ما إلى الغشاء المخاطي للأنف، وبعد التعرف على الرائحة، تظهر صورة لمصدر الرائحة في الذهن. إذا أصيب الشخص بحساسية تجاه المادة نفسها، فإن دخول البروتين (جسيمات دقيقة من المادة) إلى الغشاء المخاطي سيؤدي بالضرورة إلى هذا التفاعل. وبالتالي، تحدث حساسية رائحة السمك بنفس تواتر حساسية الأسماك، أي أنها مجرد أحد مظاهر هذه الحساسية.

حساسية الأسماك عند الطفل

بسبب كثرة مسببات الحساسية في البيئة الحديثة، قد تظهر حساسية الأسماك لدى الطفل منذ المحاولات الأولى لإطعامه منتجات الأسماك (أي أنه لا توجد فترة تراكم). على الرغم من سهولة امتصاصها وتوافرها، إلا أن حساسية الأسماك لدى الأطفال لها نفس خاصية تفاقم الأعراض لدى البالغين. يجب تذكر دائمًا أن طهي السمك لا يقلل من حساسيته لدى الطفل، فلا يوجد تأثير "تجاوزي" للحساسية تجاه الأسماك، فالطفل الصغير لا يربط دائمًا أطباق السمك (كرات اللحم والحساء) بصورة السمك، ومن الصعب تحديد أسباب نوبة الربو أو الطفح الجلدي، لذا يجب على الآباء توخي الحذر الشديد.

علاج حساسية الأسماك

يتكون علاج أي حساسية، بما في ذلك حساسية الأسماك، من التوقف عن تناول مسببات الحساسية، وتناول مضادات الهيستامين، والعلاج المثبط للمناعة، وفي الحالات الشديدة، فصل البلازما، والعناية المركزة. تجدر الإشارة إلى أنه في حالة حساسية الأسماك، يكون علاج نقص التحسس النوعي غير فعال دائمًا. من بين مضادات الهيستامين، أكثرها شيوعًا هي كلاريتين، ولوراتادين، وإيريوس، وزوداك، وإيديم. تشمل الأدوية المثبطة للمناعة الكورتيكوستيرويدات. كما أظهرت مستحضرات الكالسيوم (كلوريد الكالسيوم وجلوكونات الكالسيوم) نتائج جيدة في تقليل درجة تأثر الجهاز المناعي. يُجرى فصل البلازما والعناية المركزة في مؤسسات متخصصة (عادةً في وحدات العناية المركزة).

الوقاية من حساسية الأسماك

من الغريب أنه إذا كان الشخص يعاني من حساسية تجاه الأسماك، فمن الناحية النظرية قد يكون هناك سمك لا يسبب الحساسية، ولكن نادرًا ما يتم تأكيد هذا القول عمليًا. ومع ذلك، فإن الحساسية الأكثر شيوعًا تسببها أسماك البحر الملونة ذات الرائحة الواضحة، ثم تأتي أسماك البحر غير الملونة ذات الرائحة الخافتة في الترتيب من حيث انخفاض الأعراض التحسسية، تليها أنواع الأسماك النهرية غير العطرية. إذا ظهرت على الشخص علامات رد فعل تحسسي تجاه أسماك البحر، فقد يشير ذلك أيضًا إلى حساسية محتملة للمواد الحافظة المستخدمة في تخزين الأسماك. في هذه الحالة، يجب الانتظار حتى تهدأ الاستجابة المناعية لتناول أسماك البحر تمامًا ومحاولة تناول كمية صغيرة من أسماك النهر المسلوقة بدون جلد. ضبط النفس ووجود شخص آخر يمكنه المساعدة أمران مهمان للغاية في هذه التجربة.

كما هو الحال مع أي مرض، فإن الوقاية من حساسية الأسماك والمأكولات البحرية أمر بالغ الأهمية. إذا كان من الممكن القول إن أحد الأقارب المقربين قد عانى أو يعاني بالفعل من ردود فعل تحسسية، فمن المرجح أن يكون الأطفال مصابين بالحساسية. لتقليل هذا الاحتمال، يجب الاستمرار في الرضاعة الطبيعية لأطول فترة ممكنة، وتقديم الأطعمة التكميلية في أقرب وقت ممكن، واستخدام الأطعمة التكميلية غير المسببة للحساسية قدر الإمكان. بالنسبة للبالغين، يجب مراعاة أن التعرض لعدة مسببات للحساسية في وقت واحد يُسبب تهيجًا للجهاز المناعي، وخاصةً مزيج الكحول ودخان التبغ غير المرغوب فيه. مع اتباع نظام غذائي متوازن، تقل أعراض الحساسية، كما أن النشاط البدني الخفيف واليوغا والتدريب الذاتي له تأثير مفيد. الروتين اليومي مهم للغاية.