العمل ليلاً خطر جداً على صحتك

العمل الليلي المنتظم غير طبيعي لجسم الإنسان. وقد اكتشف العلماء أن هذا النمط من الحياة يعيق عمليات تجديد الحمض النووي، مما قد يؤدي مع مرور الوقت إلى شيخوخة الخلايا المبكرة وتطور الأورام.

قبل ذلك بقليل، نجح المتخصصون في إيجاد صلة بين العمل الليلي وتطور الأمراض العصبية التنكسية والأيضية. ومع ذلك، أتاحت لنا الدراسة الأخيرة تفسير تطور الأمراض المذكورة، بالإضافة إلى اكتشاف اضطرابات جديدة. وتبين أن اختلال إيقاع الحياة الطبيعي يؤدي إلى خلل في التفاعلات الترميمية في الحمض النووي.

وقد نشر أحد مؤلفي المشروع، البروفيسور برافين بهاتي، ممثل مركز ف. هاتشينسون لأبحاث السرطان (الولايات المتحدة)، تقريراً عن نتائج الدراسة في دورية الطب المهني والبيئي.

قبل الدراسة بفترة وجيزة، اكتشف البروفيسور أن فترة النوم أثناء النهار مرتبطة بمحتوى 8-هيدروكسي ديوكسي غوانوزين في البول. هذه المادة هي منتج مساعد يتكون أثناء عملية تجديد الحمض النووي التالف.

وقد قاد الاكتشاف الموصوف العلماء إلى فكرة مفادها أن محتوى هذه المادة يمكن استخدامه كمؤشر على الخصائص التجديدية للخلايا.

وأشار الخبراء إلى أن التبادل بين النوم أثناء النهار والليل يؤدي إلى اضطراب إنتاج الميلاتونين - وبالتالي إلى اضطراب إصلاح الحمض النووي.

لتأكيد هذه الفرضية، أُجريت فحوصات على خمسين عاملًا بنظام المناوبات، ممن ظلوا مستيقظين ليلًا وينامون نهارًا لسنوات طويلة. واستُخدمت طريقة متطورة لتقييم إنتاج المادة في البول، باستخدام كروماتوغرافيا فعّالة وكاشفات كهروكيميائية.

ونتيجة لذلك، وجد أن مستوى الميلاتونين لدى العاملين "الليليين" انخفض بشكل ملحوظ، كما انخفض مؤشر إصلاح الحمض النووي بنسبة 20%.

وفقاً للعلماء، هذه المؤشرات سلبية للغاية. فهي تشير إلى أن تغيير نمط الحياة الذي فرضته الطبيعة يؤثر سلباً على الخصائص التجديدية للحمض النووي للخلايا البشرية. وليس بنسبة واحد أو اثنين في المائة، بل بأضعاف مضاعفة!

بحسب الخبراء، يُصبح جسم الإنسان عاجزًا أمام التأثيرات الخارجية الضارة والتغيرات الخلوية المرتبطة بالعمر. فالهياكل الخلوية ببساطة لا تملك الوقت الكافي للتعافي، ولا تستطيع مقاومة العمليات السرطانية وأمراض الغدد الصماء وغيرها من الأمراض.

نتيجة لانتهاك النظام الطبيعي، يتقدم الإنسان في السن بشكل أسرع، وبالتالي يموت مبكرًا.

بالنظر إلى العلاقة بين تجديد الحمض النووي ومحتوى الميلاتونين، يُمكننا نصح الأشخاص بتناول مستحضرات خاصة تحتوي على الميلاتونين. وبالطبع، هذا ينطبق على هؤلاء الأشخاص الذين لا تتاح لهم فرصة اتباع نمط حياة طبيعي مع نوم ليلي كامل. وهذا من شأنه أن يُخفف من الآثار السلبية لنظام العمل الليلي لدى العاملين بنظام المناوبات، كما يعتقد الباحثون.