دواء تجريبي يقلل من مستويات الدهون "الضارة" في الدم

أظهرت دراستان حديثتان نُشرتا في مجلة نيو إنجلاند الطبية أن عقارًا جديدًا يسمى أوليسارسين، وهو مصمم لخفض مستويات الدهون "الضارة" في الدم والتي تسمى الدهون الثلاثية.

وأظهرت الدراستان أن الأوليسارسين يقلل بشكل كبير من الدهون الثلاثية.

ويعمل دواء أوليسارسين، الذي تنتجه شركة أيونيس للأدوية، أيضًا على خفض مستويات الدهون الأخرى في الدم المرتبطة بخطر الإصابة بالأمراض.

قد تتم الموافقة على الدواء قريبًا للأشخاص الذين يعانون من حالة نادرة تسمى متلازمة الكيلوميكرونيميا العائلية، والذين من المرجح أن يستفيدوا أكثر من الدواء.

هل جميع الدهون في الدم ضارة؟

حوالي 95% من الدهون التي نتناولها هي دهون ثلاثية، وهي مصدر مهم للطاقة. بعد تناول الطعام، تنتقل الدهون الثلاثية إلى مجرى الدم.

وبمجرد وصولها إلى هناك، تنتقل إلى العضلات حيث يتم استخدامها كطاقة، أو إلى الكبد والخلايا الدهنية لتخزينها.

على الرغم من أن الدهون الثلاثية ضرورية للصحة، إلا أن مستوياتها المرتفعة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسكتة الدماغية.

عندما ترتفع مستويات الدهون الثلاثية بشكل ملحوظ، يُطلق الأطباء على هذه الحالة اسم فرط ثلاثي جليسريد الدم. في الحالات الشديدة، قد يؤدي ذلك إلى التهاب البنكرياس الحاد ، وهو التهاب حاد في البنكرياس قد يكون مميتًا.

متلازمة الكيلوميكرونيميا العائلية هي اضطراب نادر يؤدي إلى ارتفاع مستويات الدهون الثلاثية. الأشخاص المصابون بهذه الحالة أكثر عرضة للإصابة بالتهاب البنكرياس الحاد.

تقليل الدهون "الضارة" في مجرى الدم

يُقدَّر أن واحدًا من كل أربعة أشخاص في الولايات المتحدة يعاني من مستويات عالية من الدهون الثلاثية.

يستجيب بعض هؤلاء الأشخاص جيدًا للأدوية مثل الستاتينات. ومع ذلك، فإن العلاجات التي تؤثر مباشرةً على الدهون الثلاثية محدودة.

يمكن أن تساعد بعض التغييرات في نمط الحياة مثل تناول نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة بانتظام والإقلاع عن التدخين أيضًا في خفض مستويات الدهون الثلاثية.

ومع ذلك، قال كينيث فاينجولد، أستاذ الطب الفخري بجامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو، والذي لم يشارك في الدراسة، إن الأشخاص المصابين بمتلازمة الكيلوميكرونيميا العائلية "يصعب عليهم للغاية تحقيق تغييرات في نمط حياتهم. فهم بحاجة إلى اتباع نظام غذائي منخفض الدهون للغاية".

لذلك، من الصعب جدًا تحقيق انخفاض مُرضٍ في مستويات الدهون الثلاثية بتغيير نمط الحياة. قد يستفيد بعض الأشخاص، لكن "في مرضى آخرين، يعود ارتفاع مستويات الدهون الثلاثية في المقام الأول إلى عوامل وراثية، ولا يُحدث تغيير نمط الحياة سوى تأثير معتدل"، كما قال.

دراسة أوليزارسن وخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية

شملت الدراسة الأولى 154 مشاركًا يعانون من ارتفاع شديد في مستوى الدهون الثلاثية في الدم أو ارتفاع متوسط في مستوى الدهون الثلاثية بالإضافة إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

تلقوا حقنًا شهرية من أوليسارسين أو دواءً وهميًا. قُسِّم المرضى الذين تلقوا أوليسارسين إلى مجموعتين: الأولى تلقت جرعة 50 مليغرامًا، والثانية جرعة 80 مليغرامًا.

وبالمقارنة مع الدواء الوهمي، فإن أولئك الذين تناولوا أوليسارسين كان لديهم انخفاض بنسبة 49.3٪ (مجموعة 50 جرام) و 53.1٪ (مجموعة 80 ملغ) في مستويات الدهون الثلاثية.

كما لاحظوا انخفاضًا كبيرًا في الدهون الأخرى في الدم المرتبطة بمخاطر القلب والأوعية الدموية، وهي APOC3، والبروتين الدهني B، والكوليسترول غير HDL.

الدراسة الثانية لـ Olesarsen والتهاب البنكرياس الحاد

في الدراسة الثانية، تطوع 66 شخصًا مصابًا بمتلازمة الكيلوميكرونيميا العائلية. قُسِّم المشاركون إلى ثلاث مجموعات، حيث تلقوا دواءً وهميًا، أو 50 ملغ من أوليسارسين كل 4 أسابيع، أو 80 ملغ من أوليسارسين كل 4 أسابيع. واستمرت الدراسة 53 أسبوعًا.

وبعد ستة أشهر، وجد الباحثون أن جرعة 80 ملغ أدت إلى خفض مستويات الدهون الثلاثية بشكل ملحوظ، في حين أن جرعة 50 ملغ لم تفعل ذلك.

ومن المهم أيضًا أن نلاحظ انخفاضًا في حالات التهاب البنكرياس الحاد.

أوضح باحثون من شركة أيونيس للأدوية أن "مريضًا واحدًا فقط في المجموعة التي تناولت 80 ملغ أصيب بنوبة التهاب بنكرياس حاد، مقارنةً بأحد عشر مريضًا في المجموعة التي تناولت دواءً وهميًا. تدعم هذه النتيجة المهمة إمكانية أن يصبح أوليسارسين العلاجَ المعياري للمرضى المصابين بمتلازمة الكيلوميكرونيميا العائلية".

فوائد كبيرة للقلب والبنكرياس

قال الدكتور تشنغ هان تشين، أخصائي أمراض القلب التداخلية المعتمد والمدير الطبي لبرنامج القلب الهيكلي في مركز ميموريال كير سادلباك الطبي في لاجونا هيلز، كاليفورنيا، إن أوليسارسين "يبدو أكثر فعالية من العلاجات الحالية في خفض مستويات الدهون الثلاثية لدى المرضى الذين يعانون من مستويات مرتفعة للغاية".

كتب جيرالد واتس، أستاذ الطب الباطني في جامعة غرب أستراليا، مقالاً افتتاحياً حول دراستين جديدتين.

هل سيُعتمد الدواء؟ صرّح واتس بأنه يتوقع اعتماد أوليسارسين قريبًا لعلاج متلازمة الكيلوميكرونيميا العائلية، لكننا بحاجة إلى المزيد من الدراسات على الأشخاص الذين يعانون من مستويات متوسطة إلى عالية من الدهون الثلاثية.

على الرغم من أن أوليسارسين قد يكون مفيدًا للأشخاص الذين يعانون من مستويات مرتفعة من الدهون الثلاثية، إلا أن معظم الخبراء يعتقدون أنه سيتم استخدامه في المقام الأول من قبل الأشخاص المصابين بمتلازمة الكيلوميكرونيميا العائلية.

أوضح فاينجولد قائلاً: "بالنسبة لهؤلاء الأفراد، لا توجد حاليًا في الولايات المتحدة أدوية فعّالة في خفض مستويات الدهون الثلاثية وتقليل خطر الإصابة بالتهاب البنكرياس. هناك حاجة ملحّة لدواء لعلاج هذا المرض النادر الذي يُسبب معدلات اعتلال كبيرة".

ووصف الدواء بأنه "تقدم كبير في علاج المرضى الذين يعانون من هذا الاضطراب".

هل يمكن استخدام هذا الدواء لعلاج أمراض القلب والأوعية الدموية؟

في حين أن هذه النتائج مثيرة للإعجاب، وخاصة بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من متلازمة الكيلوميكرونيميا العائلية، فإن الفوائد الإجمالية للأشخاص الذين لديهم مستويات عالية من الدهون الثلاثية بشكل معتدل أقل وضوحا.

لدى المرضى الذين يعانون من فرط شحوم الدم الثلاثية المعتدل، كان انخفاض مستوى الدهون الثلاثية ملحوظًا وأفضل من الأدوية الأخرى. والجدير بالذكر أن أوليسارسين لم يخفض مستوى الدهون الثلاثية فحسب، بل خفض أيضًا مستويات الكوليسترول غير HDL والبروتين الدهني B، وفقًا لفاينجولد.

ولكنه أضاف تحذيراً: "إن الدراسات السابقة التي أجريت على أدوية أخرى لخفض الدهون الثلاثية لدى المرضى الذين يتلقون العلاج بالستاتينات فشلت في إثبات أن خفض الدهون الثلاثية يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية".

لذلك قبل التوصية باستخدام أوليسارسين لهؤلاء الأشخاص، قال فاينجولد: "نحن بحاجة إلى دراسات تثبت أن العلاج بهذا الدواء يقلل من تطور تصلب الشرايين وخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية".

وأيد تشنغ هذا الرأي قائلاً: "ستكون هناك حاجة إلى دراسات طويلة الأمد لفحص السلامة والفعالية قبل أن يصبح هذا العلاج مقبولاً بشكل عام".

كما دعا فاينجولد إلى إجراء دراسات أطول وأوسع نطاقًا للتأكد من سلامة هذه الأدوية. وأوضح أن بعض الأدلة تشير إلى أن أوليسارسين "قد يؤثر على الصفائح الدموية لدى بعض المرضى".

نُشرت الدراسة في مجلة نيوإنجلند الطبية.