سيحصل الجرّاحون قريباً على مشرط "ذكي"

يتيح المشرط الكهربائي الجديد تحديد حدود الورم الخبيث أثناء الجراحة، دون الحاجة إلى إزالة الأنسجة السليمة. يستغرق التحليل بضع ثوانٍ.

يتطلب التدخل الجراحي لإزالة ورم خبيث دقةً فائقة من الجراح، وذلك لاستئصال الورم تمامًا من المريض، ومنعه من النمو مجددًا، وعدم المساس بالخلايا السليمة. ويتبين أن الطبيب يجب أن يكون قادرًا على التمييز بين الأنسجة السليمة والمريضة أثناء العملية. في مثل هذه الحالات، يجب أن يكون الطبيب إما "جراحًا بارعًا" أو يتمتع بحدسٍ خاص. ويتضح أنه لا شيء مستحيل.

وقد ساعد علماء من إمبريال كوليدج (بريطانيا، لندن) وجامعة ديبريسين (المجر) زملائهم من خلال تطوير مشرط "ذكي" يميز بين الخلايا المصابة والخلايا السليمة أثناء الجراحة.

استفاد الباحثون من حقيقة معروفة: يحمي الغشاء الدهني الخلايا من البيئة. وبدوره، تُمكّننا النسبة الكمية للدهون من تحديد النسيج الذي تنتمي إليه الخلية. لأنسجة الأورام نسبها الخاصة من الأغشية الدهنية. في السابق، كان من الضروري التمييز بين هذه التراكيب، وتحليلها بعد تنقية الدهون باستخدام مطياف الكتلة، لتحديد الخلايا السليمة والتالفة.

جاءت فكرة إجراء تحليل الدهون أثناء الجراحة إلى الكيميائي المجري زولتان تاكاكس. كان من المنطقي استخدام سكين جراحي كهربائي لكيّ الأوعية الدموية كأداة. تُعزز عملية الكيّ تكوين العدد اللازم من الجزيئات المؤينة لإعادة تحديد هوية الدهون في الخلية. يُساعد البخار والدخان المنبعثان في موقع الكيّ، واللذان يمرّان عبر مطياف الكتلة، في تحديد الخلايا.

أُجريت اختبارات السكين "الذكي" ("iKnife - السكين الذكي")، الذي يُشبه الملاقط، على أنسجة بعد خضوع 300 مريض لجراحة. وبعد معالجة ما يقارب ثلاثة آلاف عينة بهذه الطريقة، نجح الجهاز الجراحي الجديد في التمييز بين الخلايا السليمة والخلايا السرطانية في أي عضو بشري. كما تمكن الجهاز من اكتشاف حتى الأورام الثانوية التي تظهر من خلال تكوّن النقائل من الخلايا الخبيثة المتبقية.

بفضل قاعدة البيانات المُنشأة للأنسجة السليمة والمريضة، اختبر العلماء المشرط الكهربائي في ظروف واقعية. شارك هذا الجهاز الجراحي "الذكي" في 81 عملية جراحية، وفي جميع الحالات تقريبًا، حدّد بدقة الخلايا السليمة والمريضة. استغرقت عملية التعرّف من ثانية إلى ثلاث ثوانٍ، وهي ميزة أخرى لهذه الطريقة، لأن التحليل التقليدي كان يستغرق نصف ساعة على الأقل.

يمكن أن يصبح الاختراع الفريد "iKnife" مساعدًا لا غنى عنه في جراحة الأورام. يبقى أن نرى ما إذا كان الجهاز الجديد سيزيل الأورام بدقة وفعالية أكبر. يتطلب هذا وقتًا لمراقبة المرضى الذين خضعوا للجراحة باستخدام "السكين الذكي".

من الضروري أيضًا إجراء فحوصات في الحالات التي يقع فيها الورم السرطاني على حدود عدة أنسجة، ويصعب فيها التمييز بين الخلايا السليمة والمريضة. ويبقى الأمل أن يمتلك كل جراح قريبًا مشرطًا "ذكيًا".