ما الذي يؤثر على اختيار الشريك؟

ومن الواضح أن الرجال والنساء يختارون شركاءهم على أساس مبادئ مختلفة ويقيمونهم وفقاً لمعايير مختلفة، لكن طبيعة هذا الاختيار ليست واضحة تماماً.

التفسير الكلاسيكي لهذه "العينة" هو أن أدمغة كلا الجنسين قد تطورت.

طوال تاريخ التطور البشري، واجهت النساء والرجال نفس المشاكل: إنتاج الغذاء، والحماية من الحيوانات المفترسة، وما إلى ذلك. ووفقًا لعلماء النفس، فإن مجالات الحياة التي كانت فيها أنشطة كلا الجنسين متماثلة، ستكون متشابهة، ولكن عندما يتعلق الأمر بالتكاثر، فقد طوروا هنا مناهج مختلفة للحلول التكيفية.

يرى علماء النفس التطوري أن تفضيلات المرأة في اختيار شريك حياتها تنبع من رغبتها في تربية طفلها في ظروف جيدة ومنحه بداية حياة جيدة. ولتوفير هذه الظروف، يجب أن يكون الرجل الذي تختاره المرأة ثريًا.

يسترشد الرجال عادة بمبدأ اختيار مختلف - لمواصلة خط العائلة، فإنهم يبحثون عن امرأة قادرة على إنجاب الأطفال، وتقييم خصوبتها من خلال العلامات الخارجية، والتي يمكن أن تعطي فكرة عن عمر وصحة الشريك المحتمل.

ولكن في هذه الحالة، فإن نظرية علماء النفس التطوري لا تشكل سوى جزء من الجواب.

تشير دراسة جديدة نُشرت في مجلة "العلوم النفسية" إلى أن النساء لسن بحاجة إلى إنجاب أطفال وتكوين أسرة لتحقيق "نجاح تطوري". ويشير علماء بريطانيون إلى أن علم النفس التطوري سيُستبدل تدريجيًا بنظرية أخرى. سيحدث هذا مع تساوي النساء والرجال في الحقوق والمسؤوليات.

حلل الباحثون نتائج استطلاع رأي إلكتروني شمل 3177 مشاركًا من عشر دول. ملأ المشاركون استبيانًا حددوا فيه معاييرهم لتقييم شريك الحياة. على سبيل المثال، ما إذا كان الاستقرار المالي للزوج/الزوجة المحتمل/ة مهمًا، أو ما إذا كانت موهبته/مهاراتها في الطهي تُعدّ ميزة.

وأظهرت النتائج ما يلي: وفقًا لنظرية علم النفس التطوري، لوحظت الاختلافات الأكثر وضوحًا في اختيار الشريك في البلدان ذات أعلى مستوى من عدم المساواة بين الجنسين، وأقلها في البلدان حيث تكون مشاركة كلا الجنسين في مجالات الحياة المختلفة متساوية تقريبًا.

ومع ارتفاع مؤشر المساواة بين الجنسين تدريجيا، فإن الاختلافات في اختيار شركاء الحياة بين الرجال والنساء تتضاءل تبعا لذلك.

تتحدى هذه الدراسة نظرية بعض علماء النفس التطوري القائلة بأن الفروقات بين الجنسين تُحددها العمليات البيولوجية. في عالمنا المعاصر، يُعدّ الجانب الاجتماعي عاملاً مهماً في اختيار شريك الحياة، لأن الأدوار الجندرية في المجتمع قابلة للتغير.