أعلن العلماء عن اكتشاف الخلايا الجذعية السرطانية

أعلنت ثلاث مجموعات علمية مستقلة في آنٍ واحد عن اكتشاف ما يُسمى بالخلايا الجذعية السرطانية، وهي مجموعات صغيرة من الخلايا مسؤولة عن نمو الأورام السرطانية. يُغير عزل هذه الخلايا ليس فقط فهم آلية تطور الأورام الخبيثة، بل أيضًا نهج علاجها. نُشر بحثان حول هذا الموضوع في الأول من أغسطس في مجلة "نيتشر"، وآخر في مجلة "ساينس".

وبذلك تم تأكيد الفرضية القائلة بأن قدرة الأورام السرطانية على استئناف نموها بعد فترة طويلة من الهدوء تعتمد على وجود مجموعة صغيرة من الخلايا التي يمكنها "انتظار" تأثيرات كل من العلاج الكيميائي والعلاج الإشعاعي في حالة كامنة، من أجل البدء بعد ذلك في الانقسام النشط وإطلاق نفس العملية في أنواع أخرى من الخلايا السرطانية، مما يؤدي إلى إعادة تطوير المرض.

ظهرت الافتراضات الأولى حول وجود مثل هذا المحفز، وبالتالي الطبيعة الهرمية لنمو الخلايا السرطانية، في تسعينيات القرن الماضي أثناء دراسة تطور سرطان الدم لدى الفئران، ولكن لم يتم تأكيدها بعد باستخدام مثال الأورام الخبيثة التي تتطور في أنسجة مختلفة من الجسم.

استخدمت جميع فرق البحث التي نشرت نتائجها تقنيات الوسم الجيني لتتبع العمليات التي تحدث في الأورام وكيفية تأثر أنواع مختلفة من الخلايا بها. وكان لكل فريق أهدافه البحثية الخاصة.

لذا، ركّز فريقٌ بقيادة عالم الأحياء لويس بارادا من المركز الطبي بجامعة تكساس الجنوبية الغربية (UTSMC) في دالاس، والذي نُشرت أعماله في مجلة Nature، على الورم الأرومي الدبقي، وهو نوع من سرطان الدماغ. افترض الفريق أن العلامات الجينية الموجودة في الخلايا الجذعية العصبية للبالغين الأصحاء قد تكون مشابهة لتلك الموجودة في الخلايا الجذعية للورم الأرومي الدبقي. بناءً على هذا الافتراض، وجد الباحثون بالفعل بعض الخلايا في الورم تحمل هذه العلامات، بينما لم تحمل بقية خلايا الورم هذه العلامات.

أظهرت دراسات أخرى أن العلاج الكيميائي التقليدي قضى على جميع الخلايا باستثناء الخلايا المُصنَّفة، وبعد ذلك استأنف الورم نموه، حيث أدت الخلايا المُصنَّفة إلى ظهور جميع الخلايا الأخرى. وعندما نجح الباحثون في تثبيط انقسام الخلايا المُصنَّفة، تفكك الورم إلى أجزاء لم تُشكِّل أساسًا لتطور أورام دبقيّة جديدة.

قامت مجموعة بقيادة سيدريك بلانبان من جامعة بروكسل الحرة (ULB)، والتي نُشرت أعمالها أيضًا في مجلة Nature، بدراسة سرطان الجلد، واستُخدمت جميع خلايا الورم كأهداف للدراسة. تمكنوا من اكتشاف أن خلايا السرطان تختلف في سيناريو انقسامها - بعضها يمكن أن ينقسم لعدد محدود من المرات، وبعضها، وهذه هي الخلايا الجذعية نفسها، يمكن أن تنقسم إلى أجل غير مسمى. اتضح أنه عندما يصبح السرطان عدوانيًا، فإن الورم يشكل في الغالب خلايا جذعية قادرة على الانقسام غير المحدود، وليس أنواعًا أخرى من الخلايا. وفقًا لبلانبان، قد يكون هذا الاكتشاف مفتاحًا لاستراتيجية جديدة لعلاج السرطان في المراحل المبكرة - بدلاً من إزالة الخلايا الجذعية، يتم تحويلها بمساعدة العمل العلاجي إلى نوع آخر من الخلايا ذات قدرة محدودة على الانقسام.

وأخيرًا، ركزت مجموعة ثالثة من الباحثين، بقيادة هانز كليفرز من معهد هوبريخت في أوتريخت، هولندا، والذي نُشرت أعماله في مجلة ساينس، على الخلايا التي تُشكل أورامًا غدية معوية، وهي الخلايا التي تُشكل سلائف سرطان الأمعاء. في البداية، قاموا بتربية سلالة من الفئران، أطلق عليها الباحثون اسم "فئران القصاصات" - تحمل هذه القوارض علامة وراثية تُحفز الخلايا المعوية، عند تعرضها لمادة معينة، على إنتاج جزيئات بأربعة ألوان، اعتمادًا على الخلايا التي نشأت منها. تمكن العلماء من الحصول على أورام مصبوغة بنفس اللون، ولكنها تتكون من أنواع مختلفة من الخلايا، مما يُظهر أنها جميعًا نشأت من مصدر واحد - الخلية الجذعية. أدى تغيير لون هذه الخلايا إلى ظهور العديد من الخلايا ذات اللون المتشابه، مما يؤكد النظرية القائلة بأن الخلايا الجذعية تُنتج جميع الخلايا الأخرى.

كما أشار بارادا، من السابق لأوانه الجزم بأن البيانات الجديدة المُحصّلة تنطبق على جميع أنواع السرطان. ولكن إذا أثبتت أبحاثٌ أخرى صحة ذلك، فستتغير أساليب مكافحة السرطان جذريًا. وعلى وجه الخصوص، سيتغير تقييم فعالية العلاج الكيميائي - لن يُركز الأطباء على وقف نمو الورم أو حتى اختفائه تمامًا، بل على ما إذا كانت الخلايا الجذعية السرطانية قد ماتت نتيجةً للعلاج.

[ 1 ]