لماذا "تختبئ" الهياكل المكونة للدم في العظام؟

طوال تطورها، "وجدت" الخلايا الجذعية الدموية مكانًا لنفسها لا يمكن للأشعة فوق البنفسجية الوصول إليه.

ماذا نعرف عن جهاز تكوين الدم؟ تعلمنا في المدرسة أن خلايا الدم تنشأ في نخاع العظم الأحمر، الموجود في عظام الحوض، والأضلاع، وعظم القص، والعظام القحفية والأنبوبية الطويلة، وداخل الفقرات. تُمثل الخلايا الجذعية تراكيب نخاع العظم، وهي خلايا تُنتج خلايا جديدة أخرى - كريات الدم الحمراء، بالإضافة إلى سلائف الصفائح الدموية (الخلايا النواءية الضخمة) والخلايا المناعية. ولكن ماذا نعرف عن آلية تكون الدم، ولماذا يحدث داخل العظام؟ ففي الأسماك، على سبيل المثال، توجد تراكيب مماثلة داخل الكلى.

اقترح علماء هارفارد أن نظام تكوين الدم لمختلف ممثلي الحيوانات قد تشكل في المنطقة الأكثر حماية من أشعة الشمس أثناء نموها. لاحظ الدكتور فريدريش ج. كاب وزملاؤه أنه في الأسماك، تُغطى هياكل مماثلة بطبقة خلوية أخرى، تمثلها الخلايا الصباغية. تفرز هذه الخلايا صبغة الميلانين، القادرة على تحييد الأشعة فوق البنفسجية. يمكن أن توجد الخلايا الصباغية في كل مكان تقريبًا، على الرغم من أننا لا نعرف عن وجودها إلا في الجلد. في الواقع، إذا لم تكن هذه الخلايا موجودة، فلن نتمكن من حماية بشرتنا من الآثار الضارة للأشعة فوق البنفسجية. ونتيجة لذلك، سيتضرر الحمض النووي للجلد، مما قد يتسبب في تطور العمليات الخبيثة أو موت الهياكل. على الأرجح، تعمل طبقة الخلايا الصباغية في الأسماك أيضًا كحماية لنظام تكوين الدم.

تصف مقالة نُشرت في مجلة "نيتشر" تجربةً مثيرةً للاهتمام. تعرّضت أسماكٌ جُرّدت من خلاياها الصبغية للأشعة فوق البنفسجية، فانخفض عدد هياكلها الجذعية مقارنةً بالأسماك التي تحتوي على طبقة من الخلايا الصبغية. لكن الأسماك العادية قد تكون أيضًا عرضة للخطر إذا تعرّضت للأشعة فوق البنفسجية من الأسفل، وليس من الأعلى: فالجزء السفلي من الكلى لا يتمتع بحماية الخلايا الصبغية.

بعد تحليل شامل لتطور الأسماك، توصل العلماء إلى أن طبقة من الخلايا الصبغية ضرورية لحماية الجهاز المكوِّن للدم. تتجلى هذه الحماية بشكل خاص عند مراقبة نمو الضفدع. في مرحلة الشرغوف، تنتقل هياكل الجذع على طول مسار "الكلى - نخاع العظم": ويظل الجهاز المكوِّن للدم محميًا من الأشعة فوق البنفسجية طوال جميع مراحل النمو.

بالطبع، ليس تجويف العظم الداخلي هو المكان الوحيد المنعزل الذي تختبئ فيه الخلايا من الشمس. ولكن يجب ألا ننسى الظروف الأخرى اللازمة لتكوين الدم الطبيعي. على الأرجح، في مرحلة ما من التطور - على سبيل المثال، عندما استعمرت الفقاريات الأرض - "غادر" نظام تكوين الدم الكليتين و"استقر" في نخاع العظم، حيث استقر منذ ذلك الحين.

المعلومات التي تم الحصول عليها من الموقع https://phys.org/news/2018-06-blood-cells-bones.html