يتغير حجم أدمغة رواد الفضاء أثناء الطيران

أجرى باحثون من جامعة بلجيكية بقيادة الدكتور فلوريس ويتس تجربةً لمعرفة كيفية تكيف أدمغة رواد الفضاء مع انعدام الوزن. على مدى فترة، فُحص ستة عشر رائد فضاء، وأُجريت لهم فحوصات تصوير بالرنين المغناطيسي مُفصّلة باستخدام أحدث أجهزة المسح. بعد الدراسة، قارن العلماء قراءات التصوير المقطعي قبل الرحلة وبعدها.

إن مجرد الإقامة، وخاصةً العمل في ظروف محطة الفضاء، يرتبط بالعديد من الصعوبات. فعند انعدام الجاذبية، يتلقى الدماغ إشارات متضاربة من أعضاء مختلفة. يُشير الجهاز الدهليزي إلى سقوط الجسم، بينما تُصرّ أعضاء الرؤية على عدم حدوث سقوط. بالإضافة إلى ذلك، إذا اندفع الدم إلى الرأس، يُدرك الدماغ أن الشخص في وضعية انقلاب: مع ذلك، لا وجود لمفاهيم مثل "أعلى" و"أسفل" في الفضاء الخارجي.

إلى جانب اضطراب الجهاز الدهليزي، هناك مضاعفات أخرى. لذا، يشير حساب الوقت الداخلي في الجسم إلى شعور الشخص بالتعب، بعد مرور يوم كامل. ولكن خلال الأربع والعشرين ساعة على الأرض، يرصد رواد الفضاء شروق الشمس وغروبها ست عشرة مرة.

بالإضافة إلى غياب الجاذبية، والتغيرات الكبيرة في الحمل، وما إلى ذلك، فقد ثبت أن البقاء لفترات طويلة في الفضاء يمكن أن يؤثر على حجم المادة الرمادية في الدماغ - ويمكن تفسير ذلك من خلال إعادة توزيع السوائل نتيجة غياب الجاذبية.

حتى الآن، لم يتوصل العلماء إلى نتائج ملموسة بشأن عواقب هذه التغييرات على صحة رواد الفضاء. وهناك بالفعل ما يدعو إلى الاعتقاد بوجود تأثير سلبي مباشر على الأطراف السفلية وأجهزة الرؤية.

تشير معلوماتٌ أيضًا إلى أن الدماغ ، في المواقف العصيبة، يتكيف مع الظروف الجديدة على مدار عدة أيام. إضافةً إلى ذلك، ثَبُتَ أن رواد الفضاء الذين يغزو الفضاء أكثر من مرة يحتاجون إلى وقتٍ أقل بكثير للتكيف مع انعدام الوزن. في الوقت نفسه، قد تمر عدة سنوات بين رحلة وأخرى. هذا يعني أن الدماغ قادرٌ على حفظ المعلومات المتعلقة بهذا التفاعل التكيفي.

يمكن أن تكون نتائج التجربة مفيدة للغاية، ليس فقط لرواد الفضاء، بل أيضًا للأشخاص الذين لا ترتبط أنشطتهم باستكشاف الفضاء. تكمن الفكرة في أن بعض الاضطرابات الشائعة في الجهاز العصبي تنشأ تحديدًا نتيجةً لتفسير الدماغ الخاطئ للنبضات الصادرة من جسم الإنسان. والآن، سيتمكن المتخصصون الطبيون، استنادًا إلى الأبحاث التي أُجريت على رواد الفضاء، من تحديد المناطق الحساسة في هياكل الدماغ المعقدة.

وعلق الدكتور ويتس أيضًا قائلاً: "إن التجربة التي أجريت على رواد الفضاء سمحت لنا بتتبع التغيرات في الدماغ البشري قبل وأثناء وبعد حالة التوتر".