يستشعر الدماغ تغير الفصول

أظهرت أبحاث علمية حديثة أن الدماغ قادر على تحديد ليس فقط وقت اليوم، بل أيضًا وقت السنة. وتبين أن مواد خاصة تُمكّن الجسم من التكيف مع الفصل الجديد.

تؤدي تغيرات ساعات النهار إلى تقلبات عديدة في الجسم، منها تغيرات في ضغط الدم، ودرجة الحرارة، ومستويات الهرمونات، ووظائف الأعضاء الداخلية. يُطلق المتخصصون على هذه التقلبات اسم "الساعة البيولوجية" أو "الإيقاع اليومي".

وتشارك مواد خاصة في إعادة هيكلة الجسم للموسم الجديد - الكلوريدات وأحماض جاما أمينوبوتيريك، والتي يتغير مستواها مع زيادة (نقصان) ساعات النهار.

تعمل الساعة الداخلية للإنسان بشكل مستقل عن الظروف الخارجية، ولكنها تعتمد جزئيًا على ظروف معينة، وخاصة طول ساعات النهار.

أظهرت تجاربٌ مختلفةٌ أجراها علماءٌ في هذا المجال أن إطالة ساعات النهار بشكلٍ مُصطنعٍ تُضرُّ بالجسم، تمامًا كالعمل ليلًا. تُسبِّب هذه الاضطرابات مشاكلَ في النوم، وتغيراتٍ في مستويات الهرمونات، واضطراباتٍ نفسية، بالإضافة إلى مشاكلٍ مُحتملةٍ في الحمل، وخاصةً لدى النساء.

كما أن طول ساعات النهار يؤثر ويساعد على توزيع مصادر الطاقة في الجسم؛ فعندما تتغير ساعات النهار، يتم اختلال وظائف الدهون البنية، مما يؤدي إلى تراكم مفرط للجلوكوز والأحماض الدهنية ويزيد من خطر الإصابة بمرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية.

كان هناك مقال في إحدى المجلات العلمية يصف فيه فريق من العلماء كيف يتغير عمل الجينات والجهاز المناعي مع تغير الفصول.

في عملهم، حلل المتخصصون أكثر من 20 ألف جين، أظهر أكثر من 5 آلاف منها "تبعية موسمية" (2311 منها كانت أكثر نشاطًا في أشهر الصيف، و2825 في الشتاء). ولهذا السبب، تتفاقم العديد من الأمراض، مثل داء السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية والاضطرابات النفسية، في أوقات معينة من السنة. ولفترة طويلة، لم يتمكن المتخصصون من فهم ما الذي يُحفز عمليات إعادة هيكلة الجسم تحديدًا.

أظهرت دراسة مشتركة أجراها علماء يابانيون وأمريكيون كيف ينظم المخ بالضبط الساعة الداخلية للجسم.

النواة فوق التصالبية مسؤولة عن الإيقاعات اليومية ، وتحتوي على خلايا عصبية تنظم الساعة البيولوجية. ومن الاكتشافات المثيرة للاهتمام أن النواة تحتوي على منطقتين يعتمد نشاطهما الدوري على طول ساعات النهار، ولا يتطابقان مع "الجدول" العام.

وفي بحثهم، لاحظ المتخصصون أنه كلما زادت ساعات النهار، اختلف نشاط الخلايا العصبية مقارنة بالخلايا الأخرى في الدماغ.

كما ذُكر سابقًا، يُحدد مستوى الكلوريدات وحمض جاما أمينوبوتيريك سير العمليات الداخلية في الجسم. وقد وجد الباحثون أن مستوى هذه المواد يتغير بزيادة (أو نقصان) ساعات النهار، بينما تُساعد مناطق في النواة فوق التصالبية، والتي تبرز عن "الجدول" العام، الجسم على تحديد فصول السنة.

يثبت هذا العمل الذي قام به المتخصصون أن الدماغ البشري هو آلية أكثر تعقيدًا مما كان يُعتقد سابقًا، حيث إنه ليس قادرًا فقط على حساب دورة مدتها 24 ساعة، بل أيضًا على تحديد الموسم الحالي من العام.