يعتمد المسار التطوري للخلية الجذعية على شكلها

لتوجيه الخلية الجذعية على طول المسار التنموي المطلوب، ليس من الضروري على الإطلاق تزويدها بالهرمونات المناسبة والإشارات الكيميائية الحيوية الأخرى؛ يكفي ببساطة إجبارها على اتخاذ شكل خلية من الأنسجة المطلوبة.

ما الذي يجعل الخلايا الجذعية تتحول إلى نوع معين من الخلايا؟ على سبيل المثال، كيف تعرف الخلايا الجذعية العظمية أنها بحاجة إلى أن تصبح خلايا عظمية بدلاً من خلايا غضروفية؟ تُعد هذه الأسئلة بالغة الأهمية للعلوم الأساسية والتطبيقية. في الطب التجديدي، تُستبدل الأنسجة المريضة بأنسجة سليمة مشتقة من الخلايا الجذعية، ويجب على الأطباء التأكد من أن الخلايا الجذعية ستتحول إلى النسيج المطلوب.

من المعروف أن هذه الخلايا تخضع لإشارات كيميائية: إذ يمكن لهرمون أن يأمر الخلية الجذعية بتكوين نسيج ناضج معين. من ناحية أخرى، هناك أدلة على أن تمايز الخلايا يعتمد على نوع السطح الذي تعيش عليه مزرعة الخلايا وتتكاثر فيه: فملامسة الخلية للركيزة تحدد مصيرها. ويشير باحثون من المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا (الولايات المتحدة الأمريكية) إلى أن تحول الخلية الجذعية يعتمد على الشكل الذي اتخذته.

لزراعة أنسجة من الخلايا الجذعية، يستخدم الأطباء غرسات بوليمرية مؤقتة تعمل كركيزة، أي أساس ثلاثي الأبعاد. تُنظّم الغرسة الهيكلية الخلايا في الفضاء وتُوجّه نموها. في التجربة، زرع العلماء خلايا جذعية من أنسجة العظام على أنواع مختلفة من هذه الغرسات، تختلف في بنيتها المكانية. في هذه الحالة، زُرعت الخلايا دون إضافة أي هرمونات أو مواد أخرى تُشير إلى مسار نموها. ونتيجةً لذلك، في حالة واحدة فقط من أصل خمس حالات، بدأت الخلايا الجذعية بتراكم الكالسيوم، وهو دليل على تحولها إلى خلية عظمية ناضجة. وللالتصاق بهذه الركيزة بنجاح، كان على الخلايا أن تتمدد وتُجري عمليات طويلة، أي أن تتخذ شكل خلية عظمية ناضجة.

وهكذا، وكما كتب الباحثون في مجلة Biomaterials، يُمكن دفع الخلايا الجذعية إلى مسار النمو المطلوب دون أي خلطات كيميائية. يكفي منحها الشكل المميز لخلايا النسيج المطلوب.

للوهلة الأولى، تبدو النتيجة غريبة وغير مفهومة. يشبه الأمر القول إن الطلاب يصبحون أطباءً لأنهم مُجبرون على ارتداء المعاطف البيضاء في ممارسة الطب. لم يشرح العلماء بعد كيف يُحدد شكل الخلايا سلوكها. ولكن، بالطبع، تبدو الطريقة المكانية لزراعة أنسجة جديدة أرخص وأبسط من "الزراعة" الكيميائية الإشارية.